Wednesday, July 13, 2016

نحن أيضاً نريد إسقاط النظام يا أمير!


الحياة اللندنية
12/7/2016
بقلم: فيصل العساف  
هل هناك وجاهة لمن خطّأ مشاركة رئيس جهاز الاستخبارات السعودي الأسبق الأمير تركي الفيصل في تجمع المعارضة الإيرانية في باريس؟ ربما، ولكن من الإنصاف عدم التسرع في إطلاق الحكم قبل مراجعة تاريخ السياسة الإيرانية ذات الملالي والفتن.
قرابة الـ40 عاماً والسعودية تقدم بين يدي حقوق الجار كل سبل التقارب، وتغض الطرف على الدوام عن جميع انتهاكات عمائم السوء وتصدير الثورة وتشجيع الخارجين على كل حدود السلم، التي ما فتئت تدس السم في السم ضد السعودية بلا عسل منذ أن وطئت أقدام صنمها الأكبر خميني أرض مطار طهران الدولي، يقول الخميني في خطاب له سنة 1987: «إن نتنازل عن القدس ونسامح صدام ونغفر لكل من أساء لنا، أهون علينا من الحجاز (السعودية) لأن مسألة الحجاز هي من نوع آخر»!
وأضاف: «هذه المسألة هي أهم المسائل، علينا أن نحاربها بكل طاقاتنا وأن نحشد كل المسلمين والعالم ضدها، كلٌّ بطريقته».
بناء عليه، فإنه ينبغي علينا تقرير معنى مهم في هذا السياق، وهو أن العداء مع دولة الملالي تلك، إنما هو وجودي في أساسه، وبطبيعة حال الظروف الراهنة، فإن فهم تلك الآلية التي تنطلق منها السياسة الإيرانية المعاصرة التي تستند في منطلقاتها على قيمة «الولي الفقيه»، أو الحاكم بأمر الله يقرر شؤون البلاد والعباد، إنما يضع حداً فاصلاً لا يمكن تجاوزه عند النظر في خطوات المساهمة في القضاء عليه.
تاريخياً، عمل الإيرانيون على مناوشة السعوديين، والسعي إلى تشويه سمعتهم من خلال تخريب شعيرة الحج منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، الذي توجتها أحداث شغب عام 1987 والتي راح ضحيتها 85 رجل أمن سعودي إضافة إلى العشرات من الحجاج الآمنين في كنف بيت الله الحرام، ثم حادثة التفجير التي نفذتها مجموعة تابعة لما يسمى بحزب الله الكويتي - بثت اعترافاتهم تلفزيونياً - بإيعاز من حكومة الملالي ووقعت على مقربة من الحرم المكي سنة 1989، تلاها في العام 1990 مقتل أكثر من 2000 حاج في ما عرف بحادثة نفق المعيصم، وأخيراً ما حدث خلال حج العام الماضي في حادثة تدافع منى من مقتل أكثر من 700 حاج كان لبعثة الحج الإيرانية الدور الأبرز في تسببها نتيجة لعدم تقيدهم بالتنظيمات التي ترتب تفويج الحجيج. وعلى رغم كيل الضربات الموجعة وسيلها المتعاقب، كانت السعودية تتعامل دائماً بالحسنى، حتى إنها مدت يد التفاهم والتصالح إلى إيران إبان رئاسة «الإصلاحيين» في النظام الإيراني بين أعوام 89 - 2005 على رغم علمها اليقيني بأن نظام ولاية الفقيه يتغذى وجوده على تصدير الدمار ونشر الخراب.
إمبراطورية الديكتاتورية إيران التي يفاخر مسؤولوها باحتلال أربع من عواصم الدول العربية اليوم، هي التي رفعت شعارات مساندة الديموقراطية أثناء الثورات العربية! قبل أن تغوص حتى أذنيها في مستنقع الثورة السورية التي كان لها فيه قصب السبق في قتل وتشريد ملايين الأبرياء السوريين. إيران التي تحدت العالم في شكل مريب وهي تحتضن حتى اليوم أبرز قيادات الصف الأول من إرهابيي القاعدة، وتدعم بالمال والعدة والمواقف صعود الحوثي مخرب اليمن ومقوض استقراره، لتشكل الخطر الأول علينا وعلى محيطنا العربي والإسلامي، وإذا كانت السعودية تعاملت بالصبر والأناة طوال السنوات التي مضت، فإن حكمة تقدير الأمور بحسب مقتضياتها كان لها أثرها في دعم جهود المعارضة السياسية السلمية الإيرانية، خصوصاً أن السعوديين تعودوا على العمل في نور السياسة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وكانت حكمتهم أكبر من أن تضطرهم ظلامية سود العمائم يوماً إلى التعامل معها بالمثل، عبر دعم الجماعات المسلحة المناوئة لنظامها في الداخل الإيراني على رغم أحقية مطالباتهم.
ختاماً، يقول مؤسس السعودية الملك عبدالعزيز رحمه الله: «إني جعلت سنتي ومبدئي ألا أبدأ أبداً بالعدوان، بل أصبر عليه وأطيل الصبر على من بدأني بالعداء، وأدفع بالحسنى ما وجدت لها مكاناً، وأتمادى في الصبر حتى يرميني القريب والبعيد بالجبن والخوف، حتى إذا لم يبق للصبر مكان ضربت ضربتي وكانت القاضية»، ويقول زهير بن أبي سلمى: «ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه.. يهدّم ومن لا يظلم الناس يظلمِ»، وقال الأمير تركي الفيصل مسانداً حشود المعارضة الإيرانية: «وأنا أريد إسقاط النظام»، ليردد السعوديون خلفه: ونحن أيضاً نريد.

No comments:

Post a Comment